فصل: كتاب الفاء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معجم مقاييس اللغة ***


‏(‏باب الغين والدال وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غدر‏)‏

الغين والدال والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على تَرك الشيء‏.‏ من ذلك الغَدْر‏:‏ نَقْضُ العَهْد وتَرْك الوفاءِ به‏.‏ يقال غَدَر يَغْدِرُ غَدْراً‏.‏ ويقولون في الذَّمِّ‏:‏ يا غُدَرُ، وفي الجمع‏:‏ يالَغُدَرَ‏.‏ ويقال‏:‏ ليلةٌ غَدِرَةٌ‏:‏ بيِّنَة الغَدَر، أي مُظْلمة‏.‏ وقيل لها ذلك لأنّها تُغَادِرُ النَّاسَ في بيوتهم فلا يَخْرُجُون من شدَّة ظُلْمتها‏.‏ والغَدير‏:‏ مُستنقَع ماء المطر، وسمِّي بذلك لأنّ السَّيل غادَرَه، أي ترَكَه‏.‏ ومن الباب‏:‏ غَدِرَتِ الشَّاة، إذا تخلَّفَتْ عن الغَنم‏.‏ فإِنْ تَرَكها الرَّاعي فهي غَدِيرة‏.‏ والغَدَر‏:‏ الموضِع الظَّلِفُ الكثير الحِجارة‏.‏ وسمِّي بذلك لأنَّه لا يكاد يُسْلَك، فهو قد غودر، أي تُرِك‏.‏ ويقال‏:‏ رجل ثَبْتُ الغَدَر، أي ثابتٌ في كلامٍ وقتال‏.‏ هذا مشتقٌ من الكلمة التي قبله، أي إنّه لا يبالي أن يسلُكَ الموضعَ الصَّعبَ الذي غَادَرَهُ الناسُ من صُعوبته‏.‏ والغَدائر‏:‏ عقائصُ الشَّعر، لأنَّها تُعْقَص وتُغْدَر، أي تُتْرَك كذلك زماناً‏.‏ قال‏:‏

غدائرُهُ مستَشْزِرَاتٌ إلى العُلى *** تَضِلُّ العِقَاصُ في مُثَنَّىً وَمُرْسَلِ

‏(‏غدن‏)‏

الغين والدال والنون أُصَيْلٌ صحيح يدلُّ على لِينٍ واسترسال وفَتْرَة‏.‏ من ذلك المُغْدَوْدِن‏:‏ الشَّعَْر الطَّويل الناعم المسترسل‏.‏ قال حسان‏:‏

وقامت تُرائيكَ مُغْدَوْدناً *** إذا ما تنوءُ به آدَها

والشَّبابُ الغُدَانيُّ‏:‏ الغَضُّ‏.‏ قال‏:‏

* بعد غُدَانيِّ الشَّبَاب الأبْلَهِ *

وأصلُ ذلك كله من الغَدَن، وهو الاسترخاء والفَتْرَة‏.‏

‏(‏غدف‏)‏

الغين والدال والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على سَتْرٍ وتغطية‏.‏ يقال‏:‏ أغدَفَتِ المرأة قِناعَها‏:‏ أرسلَتْه‏.‏ قال‏:‏

إن تُغْدِفي دوني القِناعَ فإنَّني *** طَبٌّ بأَخْذِ الفارِس المستلئِمِ

وأغْدَف اللَّيْلُ‏:‏ أرْخَى سُدولَه‏.‏ وأمّا الغُراب الضَّخم فإنَّه يُسمَّى غُدافاً، وهذا تشبيه بإغداف اللَّيل‏:‏ إظْلامِه‏.‏

‏(‏غدق‏)‏

الغين والدال والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على غُزْر وكثرةٍ ونَعْمَة‏.‏ من ذلك الغَدَق، وهو الغَزير الكثير‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً‏}‏ ‏[‏الجن 16‏]‏‏.‏ والغَدَق والغَيْدَاق‏:‏ النَّاعم من كلِّ شيء‏.‏ ويقال غَدِقت عين الماء تَغْدَق غَدَقاً‏.‏ والغَيْداق‏:‏ الرَّجلُ الكريم الخُلُق‏.‏ وزعَم ناسٌ أنَّ الضبَّ يسمَّى غَيداقاً، ولعلّ ذلك لا يكون إِلاَّ لسِمَن ونَعْمةٍ فيه‏.‏

‏(‏غدو‏)‏

الغين والدال والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على زمانٍ‏.‏ من ذلك الغُدُوّ، يقال غدا يغدو‏.‏ والغُدْوة والغَدَاة، وجمع الغُدوة غُدَىً، وجمع الغَداة غَدَوات‏.‏ والغادية‏:‏ سحابةٌ تنشَأ صَباحاً‏.‏ وأفعلُ ذلك غداً‏.‏ والأصل غَدْواً‏.‏ قال‏:‏

* بها حيث حَلُّوها وغَدْواً بَلاقِعُ *

والغَدَاء‏:‏ الطّعام بعينه، سمِّي بذلك لأنَّه يؤكَل في ذلك الزمان‏.‏

‏(‏باب الغين والذال وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غذم‏)‏

الغين والذال والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جنسٍ من الأكل والشُّرب‏.‏ من ذلك‏:‏ الغَذْم‏:‏ الأكل بجفاء وشِدّة‏.‏ ويقال‏:‏ اغتَذَم الفصيل ما في ضَرْع أُمِّه، ‏[‏إذا شرِبَه‏]‏ كُلَّه‏.‏‏

‏(‏غذي‏)‏

الغين والذال والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح* يدلُّ على شيء من المأكل، وعلى جنسٍ من الحركة‏.‏‏

فأمَّا المأكل فالغِذَاء، وهو الطَّعام والشَّراب‏.‏ وغَذِيُّ المالِ وغَذَوِيُّه‏:‏ صِغاره، كالسِّخال ونحوها‏.‏ وسمِّي غَذَوِيَّاً لأنه يُغْذَى‏.‏‏

وأمَّا الآخر فالغَذَوانُ‏:‏ النَّشيط من الخَيل، سمِّي لشبابه وحركته‏.‏ ويقال غَذَّى البَعيرُ ببوله يُغَذِّي، إذا رَمَى به متقطِّعاً‏.‏ وغَذَا العِرْق يغذو، أي يَسيل دماً‏.‏ قال‏:‏‏

غذَا والزِّقُّ ملآنُ *** وطَعنٍ كفم الزّقِّ‏

‏(‏باب الغين والراء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غرز‏)‏

الغين والراء والزاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على رَزِّ الشَّيء في الشيء‏.‏ من ذلك غَرَزْتُ الشَّيءَ أغرِزُه غَرْزاً‏.‏ وغَرَزْتُ رِجله في الغَرْز‏.‏ وغَرَزَت الجرادةُ بذَنَبِها في الأرض، مثل رَزّت‏.‏ والطَّبيعة غريزة، كأنَّها شيء غُرِز في الإنسان‏.‏ فأمَّا قولهم‏:‏ اغترَزْت الشَّيءَ، واغترَزْت السَّيرَ اغترازاً، إذا دَنَا سيرك فمعناه تقريبُ السَّير، أي كأنِّي الآنَ وضعتُ رِجلي في غَرْز الرَّحْل‏.‏ وأمَّا قولهم‏:‏ غَرَزَت النَّاقةُ، إذا قلَّ لبنُها فمعناه من هذا أيضاً، كأنَّ لبَنَها غُرِزَ في جسمها فلم يَخْرُجْ‏.‏

‏(‏غرس‏)‏

الغين والراء والسين أصلٌ صحيحٌ قريبٌ من الذي قبله‏.‏ يقال‏:‏ غَرَسْتُ الشَّجرَ غَرْساً، وهذا زَمَنُ الغِراس‏.‏ ويقال إنَّ الغَرِيسة‏:‏ النَّخْلةُ أوّلَ ما تَنبت‏.‏

ومما شذَّ عن هذا الغِرْس‏:‏ جِلدةٌ رقيقة تخرجُ على رأس الوَلَد‏.‏ قال‏:‏

* كُلَّ جنينٍ مُشْعَرٍ في غِرْسِ *

‏(‏غرض‏)‏

الغين والراء والضاد من الأبواب التي لم تُوضَع على قياسٍ واحد، وكَلِمُه متباينةُ الأصول، وستَرى بُعْد ما بينهما‏.‏

فالغَرْض والغُرْضَة‏:‏ البِطانُ، وهو حِزام الرَّحْل‏.‏ والمَغْرِض من البعير كالمَحْزِم من الدابَّة‏.‏ والإغريض‏:‏ البَرَد، ويقال بل هو الطَّلع‏.‏ ولحمٌ غَريض‏:‏ طريٌّ‏.‏ وماءٌ مغروضٌ مثلُه‏.‏ والغَرَض‏:‏ المَلاَلة، يقال غَرِضْت به ومنه‏.‏ والغَرَض‏:‏ الشَّوق‏.‏ قال‏:‏

مَن ذا رسولٌ ناصحٌ فمبلِّغٌ *** عنِّي عُلَيَّةَ غيرَ قِيل الكاذِب

أنِّي غَرِضْتُ إلى تَنَاصُفِ وجهِها *** غَرَضَ المحبِّ إلى الحبيب الغائبِ

ويقال‏:‏ غَرَضت المرأة سِقاءها‏:‏ مَخَضته‏.‏ وغَرَضْنا السَّخْلَ نَغرِضهُ، إذا فَطَمْناه قبل إناه‏.‏ والغَرْض‏:‏ النُّقصان عن المِلْء‏.‏ يقال‏:‏ غَرِّضْ في سقائك، أي لا تملأه‏.‏ ويقال‏:‏ وَرَدَ الماءَ غارِضاً، أي مبكراً‏.‏ والمَغَارض‏:‏ جوانب البطن أسفَلَ الأضلاع، الواحد مَغْرِض‏.‏

‏(‏غرف‏)‏

الغين والراء والفاء أصلٌ صحيحٌ، إلاَّ نَّ كَلِمهُ لا تنقاس، بل تتباين، فالغَرْف‏:‏ مصدر غَرَفْت الماءَ وغيرَه أَغرِفُه غَرْفاً‏.‏ والغُرفة‏:‏ اسمُ ما يُغْرَف‏.‏ والغَرِيف‏:‏ الأجَمَة، والجمع غُرُف‏.‏ قال‏:‏

* كما رَزَمَ العَيّار في الغُرُفِ *

والغُرْفة‏:‏ العُِلِّيَّة‏.‏ ويقال‏:‏ غَرَفَ ناصيةَ فرسِهِ، إذا استأصلها جَزّاً‏.‏

‏(‏غرق‏)‏

الغين والراء والقاف أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على انتهاءٍ في شيء يبلغ أقصاه‏.‏ من ذلك الغَرَق في الماء‏.‏ والغَرِقة‏:‏ أرضٌ تكون في غاية الرِّيّ‏.‏ واغْرَوْرَقت العينُ والأرض من ذلك أيضاً، كأنها قد غَرِقت في دمعها‏.‏

ومن الباب‏:‏ أغرَقْتُ في القَوس‏:‏ ‏[‏مدَدتُها‏]‏ غايةَ المدّ‏.‏ واغْتَرَق الفرسُ في الخيل، إذا خالَطَها ثم سَبَقَها‏.‏

ومما شذَّ عن هذا الباب الغُرْقة من اللَّبن‏:‏ قدر ثُلث الإناء، والجمع غُرَق‏.‏ قال‏:‏

تُضْحِي وقد ضمِنت ضَرَّاتها غُرَقاً *** من طيِّب الطَّعم حلوٍ غير مجهودِ

‏(‏غرل‏)‏

الغين والراء واللام كلمةٌ واحدة، وهي الغُرْلة، وهي القُلْفَة‏.‏ والأغرل‏:‏ الأقْلَف، ويقولون‏:‏ إنَّ الغَرِل‏:‏ المسترخِي الخَلْق‏.‏

‏(‏غرم‏)‏

الغين والراء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على ملازَمة ومُلازَّة‏.‏ من ذلك الغَريم، سمِّي غريماً للُزومه وإلحاحه‏.‏ والغَرَام‏:‏ العذاب اللازم، في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنَّ عَذَابَهَا كانَ غَرَاماً‏}‏ ‏[‏الفرقان 65‏]‏‏.‏ قال الأعشى‏:‏

إنْ يعاقِبْ يكنْ غَراماً وإن يُعْـ *** طِ جزيلاً فإنَّه لا يُبالِي

وغُرْم المالِ من هذا أيضاً، سمِّي لأنَّه مالُ الغَرِيم‏.‏

‏(‏غرن‏)‏

الغين والراء والنون كلمةٌ واحدة، يقولون إنَّ الغَرِين‏:‏ ما يَبقى في الحوض من مائه* وطِينِه‏.‏

‏(‏غرو‏)‏

الغين والراء والحرف المعتل أصلٌ صحيح، وهو يدلُّ على الإعجاب والعَجَبِ لحُسْن الشَّيء‏.‏ من ذلك الغَرِيُّ، وهو الحَسَن‏.‏ يقال منه رجلٌ غَرٍ‏.‏ ثمَّ سمِّي العَجَبُ غَرْواً‏.‏ ومنه‏:‏ أغريتُه بالشَّيء الذي تُلصَق به الأشياء‏.‏ ويقال‏:‏ غَارَت العينُ بالدَّمع غِراءً، إذا لجَّت في البكاء‏.‏ وغَرِيَت بالدَّمع‏.‏ وقال الشَّاعر‏:‏

إذا قلتُ أسلُو غارَتِ العينُ بالبُكا *** غِراءً ومَدَّتْها مدامعُ حُفَّلُ

‏(‏غرب‏)‏

الغين والراء والباء أصلٌ صحيح، وكَلمُهُ غير منقاسةٍ لكنَّها متجانسة، فلذلك كتَبْناه على جهته من غير طلبٍ لقياسه‏.‏

فالغَرْب‏:‏ حَدُّ الشّيء‏.‏ يقال‏:‏ هذا غَرْبُ السَّيف‏.‏ ويقولون‏:‏ كفَفْتُ من غَرْبه، أي أكْلَلْتُ حَدَّه وقولهم‏:‏ استَغْرَب الرّجُل، إذا بالَغَ في الضَّحِك، ممكنٌ أن يكون من هذا، كأنَّهُ بلغ آخِرَ حدِّ الضَّحِك‏.‏ والغَرْب‏:‏ الدَّلو العظيمة‏.‏ والغَرْبانِ من العين‏:‏ مُقْدِمُها ومُؤْخِرُها‏.‏ وغُروب الأسنان‏:‏ ماؤُها‏.‏ فأمَّا الغُروب فَمَجارِي العَين‏.‏ قال‏:‏

مالَكَ لا تذكُرُ أُمَّ عمرِو *** إلاّ لعينَيْك غَروبٌ تَجْرِي

والغَرْب أيضاً بسكون الراء، في قولهم‏:‏ أتاهُ سَهْمٌ غَرْب، إذا لم يُدْرَ مَن رماه به‏.‏

وأمّا الغَرَب بفتح الراء، فيقال إنَّ الغَرَبَ‏:‏ الرَّاوية‏.‏ والغَرَب‏:‏ ما انصبَّ من الماء عند البئر فتغيَّرَتْ رائحتهُ‏.‏ قال ذو الرُّمة‏:‏

* واسْتُنْشِئَ الغَرَبُ *

والغَرْب‏:‏ شَجَر‏.‏ ويقولون –والله أعلَمُ بصحّته-‏:‏ إنَّ الغَرَب‏:‏ إناءٌ من ذهب أو فِضَّة‏.‏ ويُنشِدون‏:‏

فدعْدَعا سُرَّةَ الرَّكيِّ كَما *** دَعْدَعَ ساقِي الأعاجم الغَرَبا

والغَرْب‏:‏ الوَرَم في المأْق، يقال منه غَرِبَت العينُ غَرَباً‏.‏ والغَرْب‏:‏ عِرْقٌ يَسقِي ولا يَنقطِع‏.‏ والغُرْبة‏:‏ البُعد عن الوطن، يقال‏:‏ غَرَبَت الدَّار‏.‏ ومن هذا الباب‏:‏ غُروب الشَّمس، كأنَّه بُعْدُها عن وجه الأرض‏.‏ وشَأْوٌ مُغَرَِّبٌ، أي بعيد‏.‏ قال‏:‏

أعْهَدَكَ مِن أُولَى الشَّبيبةِ تطلبُ *** على دُبُرٍ هيهاتَ شَأْوٌ مغرَِّبُ

ويقولون‏:‏ ‏"‏هل من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ‏"‏، يريدون خبراً أتَى من بُعد‏.‏

وفي كتاب الخليل‏:‏ ‏"‏إذا أمْعَنَت الكلابُ في طلب الصَّيد قيل‏:‏ غرَّبَت‏"‏‏.‏ وفيه نظر‏.‏

والغارب‏:‏ أعلى الظَّهر والسَّنام‏.‏ يقال‏:‏ أَلْقَى حبلَه على غاربه، إذا خلاَّه‏.‏ والغُراب معروف‏.‏ والغُرابانِ‏:‏ نُقرتانِ عند صَلَوَي العَجُز من الفَرس‏.‏ والغُرَاب‏:‏ رأس الفأس‏.‏ ورِجْل الغُراب‏:‏ نوعٌ من الصَّرِّ‏.‏ قال الكميت‏:‏

* صُرَّ رِجْلَ الغُرابِ *

والغِربيب‏:‏ الأسود، كأنّه مشتقٌّ من لون الغُراب‏.‏ والمُغْرَب‏:‏ الأبيض الأشفار من كلِّ شيء‏.‏ والغَرْبيّ‏:‏ الفضيخ من البُسْر يُنْبَذ‏.‏ والغَرْبيُّ‏:‏ صِبْغٌ أحمر‏.‏

‏(‏غرث‏)‏

الغين والراء والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على الجُوع‏.‏ والغَرث‏:‏ الجوع‏.‏ ورجلٌ غَرْثانُ‏.‏ ويستعيرون هذا فيقولون‏:‏ جاريةٌ غَرْثَى الوِشاح، لأنَّها دقيقةُ الخَصْرِ لا يُملأ وِشاحُها، وكأنَّ وِشاحَها غَرثان‏.‏

‏(‏غرد‏)‏

الغين والراء والدال كلمتان‏:‏ إحداهما صوت، والأخرى نبت‏.‏ فالأولى‏:‏ غرَّد الطّائر في صوته يُغَرِّد تغريداً‏.‏ والكلمة الأخرى‏:‏ الغَرَْد‏:‏ الكمأة، الواحدة غَرَْدة‏.‏ والمَغَاريد‏:‏ نبتٌ، الواحدة مُغْرود، وزعموا أنَّها هي الكمأة أيضاً‏.‏

‏(‏باب الغين والزاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غزل‏)‏

الغين والزاء واللام ثلاثُ كلماتٍ متباينات، لا تُقاس منها واحدةٌ بأخرى‏.‏

فالأُولى‏:‏ الغَزْل، يقال غَزَلت المرأة غَزْلَها، والخشبة مِغْزَل، والجمع مَغازِل‏.‏

والثانية‏:‏ الغَزَل، وهو حديث الفِتْيان والفَتَيات‏.‏ ويقال‏:‏ غَزِلَ الكَلْب غَزَلاً، وهو أن يَطلُبَ الغزالَ حتّى إذا أدرَكَه تركه ولَهَا عنه‏.‏

والثانية‏:‏ الغزال، وهو معروف، والأنثى غَزَالة، ولعلَّ اسمَ الشَّمسِ مستعارٌ من هذا، فإنَّ الشَّمسَ تسمَّى الغزالةَ ارتفاعَ الضُّحى‏.‏

‏(‏غزو‏)‏

الغين والزاء والحرف المعتل أصلانِ صحيحان، أحدهما طلب شيء، والآخر في بابِ اللِّقاح‏.‏

فالأوَّل الغَزْو‏.‏ *ويقال‏:‏ غَزَوت أغزو‏.‏ والغازي‏:‏ الطَّالِبُ لذلك، والجمع غُزَاة وغَزِيٌّ أيضاً، كما يقال لجماعة الحاجّ حَجيج‏.‏ والمُغزِيَة‏:‏ المرأة التي غزا زَوْجها‏.‏ويقال في النِّسبة إلى الغَزْو‏:‏ غَزَوِيّ‏.‏

والثاني‏:‏ قولهم‏:‏ أغْزَت النَّاقةُ، إذا عَسُر لِقاحُها‏.‏ وقال قومٌ‏:‏ الأَتَان المُغْزِية‏:‏ التي يتأخَّر نِتاجُها ثم تُنْتَج‏.‏ قال الهذليّ‏:‏

يُرِنُّ على مُغْزِياتِ العِقا *** قِ يَقْرُو بها قَفَراتِ الصِّلالِ

‏(‏غزد‏)‏

الغين والزاء والدال ليس يُشْبِه صحيح كلام العرب‏.‏ وقد زعموا أنَّ الغِزْيد الشديد الصوت، وأن الغِزْيَد‏:‏ النبات النّاعم‏.‏ والله أعلم‏.‏

‏(‏غزر‏)‏

الغين والزاء والراء كلمةٌ واحدة، وهو قولهم‏:‏ غَزُرت الناقة‏:‏ كثُر لبنها غُـَزْراً وغَزَارة‏.‏ وعين غَزيرَةٌ، ومعروفٌ غزير‏.‏

‏(‏باب الغين والسين وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غسل‏)‏

الغين والسين واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على تطهيرِ الشّيء وتنقِيَته‏.‏ يقال‏:‏ غَسَلتُ الشَّيءَ غَسْلاً‏.‏ والغُسْل الاسم‏.‏ والغَسُول‏:‏ ما يُغْسَل به الرَّأس من خِطْميٍّ أو غيره‏.‏ قال‏:‏‏

عليَّ حرامٌ لا يَمَسُّنِيَ الغِسْلُ*** فيا لَيْلَ إنَّ الغِسْلَ ما دُمْتِ أيِّماً‏

ويقال‏:‏ فحلٌ غُسَلَة، إذا كثُر ضِرابُه ولم يُلْقِح‏.‏ والغِسْلينُ المذكور في كتاب الله تعالى، يقال إنَّه ما يَنْغسلُ من أبدان الكفّار في النار‏.‏‏

‏(‏غسا‏)‏

الغين والسين والحرف المعتلّ حرفٌ واحد، يدلُّ على تناهٍ في كِبَرٍ أو غيره‏.‏ يقال غَسَا اللَّيلُ وأغْسَى‏.‏ وشيخ غَاسٍ‏:‏ طال عمرُه‏.‏ ورُوِي أنَّ قارئاً قرأ‏:‏ ‏"‏وَقَدْ بَلَغْتُ من الكِبَر غُسِيّاً ‏"‏‏.‏‏

‏(‏غسر‏)‏

الغين والسين والراء كلمةٌ إنْ صحّت تدلُّ على اختلاطٍ‏.‏ يقولون‏:‏ تغَسَّر الغَزْل، إذا التَبَس‏.‏‏

قال ابن دريد‏:‏ ‏"‏الغَسَر‏:‏ ما طرحَتْه الريح في الغَدِير‏.‏ ثم كثُر حتى قالوا‏:‏ تغسَّرَ الأمر‏:‏ اختلط‏"‏‏.‏‏

‏(‏غسم‏)‏

الغيم والسين والميم ليس بشيء‏.‏ وربَّما قالوا الغَسَم، الظُّلْمة‏.‏‏

‏(‏غسن‏)‏

الغين والسين والنون كلمةٌ‏.‏ يقولون إنَّ الغُسَن‏:‏ خُصَل الشَّعر‏.‏ ويقال للناصية‏:‏ غُسْنة‏.‏‏

‏(‏غسق‏)‏

الغين والسين والقاف أصلٌ صحيح يدل على ظُلْمة‏.‏ فالغَسَق‏:‏ الظلمة‏.‏ والغاسِق‏:‏ الليل‏.‏ ويقال‏:‏ غَسَقت عينُه‏:‏ أظلمت‏.‏ وأغْسَقَ المؤذِّن، إذا أخَّر صلاةَ المغرب إلى غَسَق اللَّيل‏.‏ وأمّا الغَسَّاق الذي جاء في القرآن، فقال المفسِّرون‏:‏ ما تقطَّرَ من جلود أهل النار‏.‏‏

‏(‏باب الغين والشين وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غشم‏)‏

الغين والشين والميم أصلٌ واحد يدلُّ على قَهْر وغَلَبة وظُلْم‏.‏ من ذلك الغَشْم، وهو الظُّلم‏.‏ والحَرْبُ غشومٌ لأنَّها تنال غيرَ الجاني‏.‏ والغَشَمْشَم‏:‏ ‏[‏الذي‏]‏ لا يثنيه ‏[‏شيءٌ‏]‏ من شجاعته‏.‏ وزيد في حروفه للزِّيادة في المعنى‏.‏‏

‏(‏غشي‏)‏

الغين والشين والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على تغطيةِ شيءٍ بشيء‏.‏ يقال غَشَّيت الشَّيءَ أُغَشِّيه‏.‏ والغِشاء‏:‏ الغِطاء‏.‏ والغاشِية‏:‏ القيامة، لأنَّها تَغْشَى الخَلْق بإفزاعها‏.‏ ويقال‏:‏ رَمَاه الله بغاشيةٍ، وهو داء يأخذ كأنّه يغشاه‏.‏ والغِشْيان‏:‏ غِشْيان الرّجُل المرأة‏.‏‏

‏(‏باب الغين والصاد وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غصن‏)‏

الغين والصاد والنون كلمة واحدة، وهي غُصْن الشَّجَرة، والجمع غُصُون وأغصان‏.‏ ويقال‏:‏ غَصَنت الغُصْن‏:‏ قَطَعْتُه‏.‏

‏(‏باب الغين والضاد وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غضف‏)‏

الغين والضاد والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على استرخاءٍ وتهدُّم وتغَشٍّ‏.‏ من ذلك الأغْصَف من السِّباع‏:‏ ما استرخت أذُنه‏.‏ ومن الباب‏:‏ ليلٌ أغضَفُ، أي أسودُ يغشَى بظلامه‏.‏ قال ذو الرُّمَّة‏:‏

قد أعسِفُ النَّازحَ المجهولَ مَعْسِفُه *** في ظلِّ أغضَفَ يدعو هامَهُ البومُ

ويقولون‏:‏ عيشٌ غاضِف، أي ناعم، كأنَّه قد غَشِيَ بخيره وغَضَارته‏.‏ *والغُضْف‏:‏ القَطا الجُون، وهذا على التَّشبيه بالليل وسَوادِه‏.‏ ويقال‏:‏ تغضَّفَت البِئر، إذا تهدَّمت أَجوالُها فغَشِيَتْ ما تحَتَها‏.‏ ويقال‏:‏ غَضَفت الأُتن تَغْضِفُ، إذا أخذَتْ الجريَ أخْذاً‏.‏ وهذا لأنَّها تَغْشَى الأرض بجريها‏.‏ قال‏:‏

يَغُضُّ ويَغْضِفْن من ريِّقٍ *** كشُؤبوبِ ذي بَرَدٍ وانسجال

‏(‏غضن‏)‏

الغين والضاد والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على تثنٍّ وتكسُّر‏.‏ من ذلك الغُضُون‏:‏ مَكاسر الجِلْد، ومَكاسِر كلِّ شيء غُضون‏.‏ وتغضَّنَ جِلدُه‏.‏ والمغاضَنَة‏:‏ مكاسَرة العينين‏.‏ ومن الباب قولهم‏:‏ ماغَضَنك عن كذا، أي ما عاقك عنه‏.‏ وغَضَن العَينِ‏:‏ جلدُها الظّاهر، سمِّي لتكسُّرٍ فيه‏.‏

ومما شذَّ عن هذا الباب قولهم‏:‏ ‏"‏غَضَنت النّاقةُ بولدها، إذا ألقَتْه قبل أن يُنْبِت‏.‏

‏(‏غضر‏)‏

الغين والضاد والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على حُسنٍ ونَعْمة ونَضرة‏.‏ من ذلك الغَضَارة‏:‏ طيبُ العَيش‏:‏ ويقولون في الدُّعاء‏:‏ أبادَ الله تعالى غَضراءهم، أي خَيرهم وغضارتهم‏.‏ قال عبد الله بن مُسلم‏:‏ أصل الغَضْراء طِينةٌ خضراءُ عَلِكة‏.‏ يقال‏:‏ أَنْبَطَ بئرَه في غَضْراءَ، ويقال‏:‏ دابّةٌ غَضِرةُ النَّاصية‏.‏ إذا كانت مباركة‏.‏

ومن الباب‏:‏ الغاضر‏:‏ الجلد الذي أُجِيد دبغُه‏.‏

ومما شذَّ عن هذا الباب قولُهم‏:‏ لم يَغْضِرْ عن ذلك، أي لم يَعْدِل عنه‏.‏ قال ابنُ أحمر‏:‏

* ولم يَغْضِرْنَ عن ذاك مَغْضَرا *

والغَضْوَر‏:‏ نَبْت‏.‏

‏(‏غضب‏)‏

الغين والضاد والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على شدَّة وقُوّة‏.‏ يقال‏:‏ إنَّ الغَضْبة‏:‏ الصَّخرة الصُّلبة‏.‏ قالوا‏:‏ ومنه اشتُقَّ الغَضَب، لأنَّه اشتدادُ السُّخط‏.‏ يقال‏:‏ غَضِب يَغْضَبُ غَضَباً، وهو غضبانُ وغَضُوب‏.‏ ويقال‏:‏ غَضِبْتُ لفلانٍ، إذا كان حيّاً؛ وغضبت به، إذا كان ميّتاً‏.‏ قال دُرَيد‏:‏

* أنَّا غِضابٌ بمعبدِ *

ويقال‏:‏ إنَّ الغَضُوب‏:‏ الحيَّة العظيمة‏.‏

‏(‏غضل‏)‏

الغين والضاد واللام‏.‏ يقولون‏:‏ أَغْضَلَتِ الشَّجرة واغضالَّتْ، إذا كثُرت أغصانها‏.‏

‏(‏غضا‏)‏

الغين والضاد والحرف المعتلّ كلمتان‏:‏ فالأولى‏:‏ الإغضاء‏:‏ إدناء الجُفون‏.‏ وهذا مشتقٌّ من اللَّيلة الغاضِية، وهي الشَّديدة الظُّلمة‏.‏

والكلمة الأخرى‏:‏ الغَضَا، وهو شجرٌ معروف‏.‏ يقال‏:‏ أرضٌ غَضْيَاء‏:‏ كثيرة الغَضَا‏.‏ ويقال‏:‏ إبلٌ غَضِيَةٌ‏:‏ اشتكَتْ عن أكل الغَضَا‏.‏

‏(‏باب الغين والطاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غطف‏)‏

الغين والطاء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على خَير وسُبوغٍ في شيء، وأصله الغَطَف في الأشفار، وهو كثرتُها وطولُها وانثناؤُها‏.‏ ثم يقال‏:‏ عيشٌ أغطَف، إذا كان ناعماً منثَنِياً على صاحبه بالخَير‏.‏ والمصدر الغَطَف‏.‏

‏(‏غطل‏)‏

الغين والطاء واللام ثلاث كلمات‏:‏ الغَيْطَلة‏:‏ الشَّجَرَةُ، والجمع الغَيْطَل‏.‏ قال‏:‏

فظلّ يُرَنِّحُ في غَيطلٍ *** كما يستدير الحِمارُ النّعِرْ

والغَيْطلة‏:‏ البَقَرَة‏.‏ والغيطلة‏:‏ التجاج اللَّيلِ وسوادُه‏.‏

‏(‏غطم‏)‏

الغين والطاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على كثرةٍ واجتماع‏.‏ من ذلك البحر الغِطَمُّ‏.‏ ويقال لمُعْظَمِ البَحْر‏.‏ غُطَامِطٌ‏.‏ ورجلٌ غِطَمٌّ‏:‏ واسع الخُلُقُ‏.‏

‏(‏غطو‏)‏

الغين والطاء والحرف المعتل يدلُّ على الغِشاء والسَّتر‏.‏ يقال‏:‏ غَطَيت الشَّيءَ وغَطَّيْتُه‏.‏ والغِطاء‏:‏ ما تَغَطَّى به‏.‏ وغَطَا اللّيلُ يَغْطُو، إذا غَشَّى بظلامه‏.‏

‏(‏غطش‏)‏

الغين والطاء والشين أصلٌ واحدٌ صحيح، يدلُّ على ظُلْمَةٍ باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله غين

وما أشبَهها‏.‏ من ذلك الأغطش، وهو الذي في عينه شِبْه العَمَش، والمرأة غَطْشاء‏.‏ وفَلاةٌ غَطْشَى‏:‏ لا يُهْتَدَى لها‏.‏ قال‏:‏

ويَهْماءَ باللَّيلِ غَطْشَى الفلا *** ةِ يؤنِسُني صوتُ فَيَّادِها

وغَطَشَ الليلُ‏:‏ أظلَمَ‏.‏ والله تعالى أغْطَشَه‏.‏ والمتغاطِش‏:‏ المتعامِي عن الشَّيء‏.‏ ويقال‏:‏ هو يَتَغَاطش‏.‏

‏(‏غطس‏)‏

الغين والطاء والسين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على *الغَطِّ‏.‏ يقال‏:‏ غطَطْتُه في الماء وغَطَسته‏.‏ وتَغَاطَسَ القومُ‏:‏ تغاطُّوا‏.‏

‏(‏باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله غين‏)‏

من ذلك ‏(‏الغَطَمَّش‏)‏‏:‏ الكليل البَصَر‏.‏ والغَطَمَّش‏:‏ الظَّلوم الجائر‏.‏ وهذا مما زيدت فيه الميم، والأصل الغَطْش وهو الظُّلْمة‏.‏ والجائر يتغاطَش عن العَدْل، أي يتعامَى‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الغَشْمَرة‏)‏‏:‏ إتْيَانُ الأمرِ من غيرِ تثبُّت، وهذه منحوتةٌ من كلمتين‏:‏ من الغَشْم والتشمُّر، لأنه يتشمَّر في الأمر غاشماً‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الغَمَلّج‏)‏، وهو ممّا نُحِتَ من كلمتين‏:‏ من غَمَج وغلَج، وهو البعير الطَّويل العُنق‏.‏ فأمَّا غَمَجُه فاضطرابُه‏.‏ يقال‏:‏ غَمَج، إذا جاء وذهب‏.‏ والغَلَج كالبَغْي في الإنسانِ وغيره‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الغُضْرُوف‏)‏‏:‏ نَغْض الكَتِف‏.‏ وهي منحوتةٌ من كلمتين‏:‏ من غَضَرَ وغَضَف‏.‏ فأمَّا غَضَرُه فلِينُه، لأنَّه ليس فيه شِدَّة العظم وصلابتُه‏.‏ وأمَّا غَضَفُه فتثنِّيه، لأنَّه يتثنَّى إذا ثُنِي للينه‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الغَطْرسة‏)‏‏:‏ التكبُّر‏.‏ وهذا ممَّا زيدت فيه الراء؛ وهو من الغَطس كأنَّه يَغلِبُ الإنسانَ ويقهرُه حتى كأنَّه غَطَسه، أي غطَّسه‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الغَطْرَفة‏)‏، وهي الكِبْر والعظمة‏.‏ قال في التغطرف‏:‏

فإِنَّك إنْ أغضبْتَنِي غَضِبَ الحَصَى *** عليك وذُو الجََُبُّورة المتغَطْرِفُ

وهذا أيضا مما زيدت فيه الراء، وهو من الغَطَف، وهو أن يَنْثَنِيَ الشيءُ على الشَّيء حتى يغشاه‏.‏ فالجبّار يقهر الأشياءَ ويُغَشِّيها بعظمته‏.‏ و‏(‏الغِطْريف‏)‏‏:‏ السَّيِّد يَغْشى بكرمِهِ وإِحسانه‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الغَذْمَرَة‏)‏، يقال إنَّه رُكوب الأمرِ على غير تثبُّت‏.‏ وقد يكون في الكلامِ المختلِط‏.‏ وهذه منحوتةٌ من كلمتين‏:‏ من غَذَم وذَمَر‏.‏ أمَّا الغَذْم فقد قلنا إنَّه الأكل بجفاءٍ وشِدَّة‏.‏ ويقولون‏:‏ كيلٌ غُذَامِرٌ، إذا كان هَيْلاً كثيراً‏.‏ وأمَّا الذَّمْر فمن ذَمَرته، إذا أغضبتَه‏.‏ كأنَّه غَذُوم ذَمَر‏.‏ ثم نحتت من الكلمتين كلمةٌ‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الغَضَنْفَر‏)‏، وهو الرَّجُل الغليظ، والأسد الغَشُوم‏.‏ وهذا ممَّا زيدت فيه الراء والنون، وهو من الغَضَف‏.‏ وقد مضى أنّ اللّيلَ الأغضفَ الذي يُغشِّي بظلامِه‏.‏

ومن ذلك ‏(‏المُغَثْمَرُ‏)‏، وهو الثَوْب الخشنُ الرَّديءُ النَّسْج‏.‏ قال‏:‏

عَمْداً كسوتُ مُرْهِباً مُغَثْمَرَا *** ولو أشاءُ حِكْتُهُ مُحَبَّرَا

يقول‏:‏ ألبستُهُ المغَثَْمَرَ لأدفع به عنه العينَ‏.‏ وهذه منحوتةٌ من كلمتين‏:‏ من غَثمَ وغَثَرَ‏.‏ أمَّا غَثَر فمن الغُثْر، وهو كلُّ شيء دُونٍ‏.‏ وأمَّا غَثَمَ فمن الأغثم‏:‏ المختلط السَّواد بالبياض‏.‏

ومما وُضع وضعاً وليس ببعيدٍ أن يكون لـه قياس ‏(‏غَرْدَقْتُ‏)‏

السِّتْرَ‏:‏ أرسلتُه‏.‏ و‏(‏الغُرْنُوق‏)‏‏:‏ الشَّابُّ الجميل‏.‏ و‏(‏الغِرنَِيق‏)‏

طائر‏.‏

ويقولون‏:‏ ‏(‏الغَلْفَقُ‏)‏‏:‏ الطُّحُلَب‏.‏

ويقولون‏:‏ ‏(‏اغْرَندَاهُ‏)‏، إذا عَلاَهُ وغَلَبه‏.‏ قال‏:‏

قد جعل النُّعاس يَغْرَنْدِينِي *** أدفَعُهُ عني ويَسْرَنْدِينِي

‏(‏تم كتاب الغين، والله أعلم بالصواب‏)‏

كتاب الفاء

‏(‏باب الفاء وما بعدها في المضاعف والمطابق‏)‏

‏(‏فق‏)‏

الفاء والقاف في المضاعف يدلُّ على تفتُّح واختلاطٍ في الأمر‏.‏ يقال‏:‏ انفَقّ الشَّيءُ، إذا انفرَجَ‏.‏ ويقولون‏:‏ رجلٌ فَقْفَاقٌ، أي أحمق مُخلِّطٌ في كلامه‏.‏ ويقال فَقَاقٌ أيضاً‏.‏

‏(‏فك‏)‏

الفاء والكاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تفتُّح وانفراج‏.‏ من ذلك فَكَاك الرَّهْن، وهو فَتْحُه من الانغلاق‏.‏ وحكى الكسائي‏:‏ الفِكَاك بالكسر‏.‏ ويقال‏:‏ فَكَكْتُ الشَّيءَ أفكُّه فكّاً‏.‏ وسقط فلانٌ وانفكَّت قدمُه، أي انفرجت‏.‏ وقولهم‏:‏ لا ينفكُّ يفعل ذلك، بمعنى لا يزال‏.‏ والمعنى هو وذلك الفعلُ لا يفترقان‏.‏ فالقياس فيه صحيح‏.‏ والفكُّ‏:‏ انفراج المَنْكِبِ عن مَفْصِله ضَعْفا‏.‏

ومما هو من الباب‏:‏ الفَكَّانِ‏:‏ مُلتقى الشِّدْقين‏.‏ *وسمِّيا بذلك للانفراج‏.‏

‏(‏فل‏)‏

الفاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على انكسارٍ وانثلام‏.‏ أو ما يقاربُ ذلك‏.‏ مِن ذلك الفَلُّ‏:‏ القومُ المنهزِمون‏.‏ والفُلولُ‏:‏ الكُسور في حدِّ السيف، الواحدُ فَلٌّ‏.‏ قال النابغة‏:‏

ولا عيبَ فيهم غير أنَّ سُيوفَهم *** بهنَّ فُلولٌ من قِراع الكتائبِ

والفليل‏:‏ ناب البعير إذا انثلَمَ‏.‏

ومما يقارب هذا الفِلُّ‏:‏ الأرض لا نباتَ فيها‏.‏ والقياس فيه صحيح‏.‏ وقال‏:‏

* فَِلٌّ عن الخير مَعْزِلُ *

يقال‏:‏ أفلَلْنا‏:‏ صِرنا في الفَِلّ‏.‏

ومما شذّ عن هذا الأصل‏:‏ الفَليلة‏:‏ الشّعر المجتمِع، والجمع الفليل‏.‏ قال‏:‏

ومُطَّرِدِ الدِّماءِ وحيث يُهْدَى *** من الشَّعَر المضفّر كالفليلِ

‏(‏فم‏)‏

الفاء والميم ليس فيه غير الفم، وليس هذا موضعه، لكن حكي فمٌّ بالضمّ والتشديد‏.‏ قال‏:‏ * يا ليتها قد خرجَتْ من فُمِّهْ *

‏(‏فن‏)‏

الفاء والنون أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدُهما على تعنِيَةٍ، والآخَر على ضربٍ من الضُّروب في الأشياء كلِّها‏.‏

فالأوّل‏:‏ الفَنّ، وهو التعنية والإطراد الشّديد‏.‏ يقال‏:‏ فَنَنْتُه فَنّاً، إذا أطردتَه وعنّيْتَه‏.‏

والآخر الأفانين‏:‏ أجناس الشّيء وطُرقُه‏.‏ ومنه الفَنَن، وهو الغصن، وجمعه أفنان، ويقال‏:‏ شجرةٌ فَنْواء، قال أبو عبيد‏:‏ كأنّ تقديره فَنّاء‏.‏

‏(‏فه‏)‏

الفاء والهاء كلمةٌ واحدةٌ تدل على العِيِّ وما أشبهه، من ذلك الرّجل الفَهُّ، وهو العَيِيّ، والمرأة فَهّةٌ، ومصدره الفَهَاهة‏.‏ قال‏:‏

فلم تَلقَنِي فَهَّاً ولم تَلْقَ حُجَّتي *** مُلَجْلَجَةً أبغِي لها مَنْ يقيمُها

ويقال‏:‏ خرجتُ لحاجةٍ فأَفَهَّنِي فلانٌ حتَّى فَهِهْت، أي أنسانِيها‏.‏

‏(‏فأ‏)‏

الفاء والهمزة مع معتلٍّ بينهما، كلماتٌ تدلُّ على الرجوع‏.‏ يقال‏:‏ فاء الفَيء، إذا رجع الظِّلُّ من جانب المغرِب إلى جانب المشرق‏.‏ وكلُّ رجوعٍ فيءٌ‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ‏}‏ ‏[‏الحجرات 9‏]‏، أي ترجع‏.‏ قال الشَّاعر‏:‏

تَيَمَّمَتِ العَينَ التي عند ضارجٍ *** يَفيءُ عليها الظِّلُّ عِرْمِضُها طامِ

يقال منه‏:‏ فيَّأَتِ الشَّجرةُ، وتَفَيّأْت أنا في فَيئها‏.‏ والمرأة تَفيِّئُ شعرَها، إذا حرَّكتْ رأسَها من قِبَل الخُيَلاء‏.‏ ويقال تفيُّؤها‏:‏ تكسُّرها لزَوْجِها‏.‏ والقياس فيه كلِّه واحد‏.‏ والفيء‏:‏ غنائمُ تُؤخذ من المشركين أفاءها الله تعالى عليهم‏.‏ قال الله سبحانه‏:‏ ‏{‏مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القُرَى‏}‏ ‏[‏الحشر 7‏]‏‏.‏ ويقال‏:‏ استفأْتُ هذا المالَ، أي أخذتُه فيْئاً‏.‏ وفلانٌ سريع الفَيءِ من غضبه والفِيئَة‏.‏

فأمَّا قولهم‏:‏ يا فَيْءَ مالِي، فيقولون‏:‏ إِنَّها كلمةُ أسفٍ‏.‏ وهذا عندي من الكلام الذي ذهب مَنْ كان يُحسن حقيقةَ معناه‏.‏ وأنشد‏:‏

يا فَيْءَ مالِي مَنْ يُعَمَّرْ يُفْنِهِ *** مرُّ الزَّمان عليه والتَّقليبُ

‏(‏فت‏)‏

الفاء والتاء كلمةٌ تدلُّ على تكسير شيء ورفْتِه‏.‏ يقال‏:‏ فَتَتُّ الشَّيءَ أفُتُّ فَتَّاً، فهو مفتوتٌ وفَتيت‏.‏ وفُتَّة‏:‏ ما يُفَتُّ ويُوضَع تحتَ الزَّند‏.‏ وفَتَّ في عضُده، وذلك إذا أساء إليه، كأنَّه قد ف‍َتَّ من عَضُده شيئاً‏.‏

ومما شذَّ عن هذا الأصل الفَتفتة‏:‏ أن تشرب الإبلُ دونَ الرِّيّ‏.‏

‏(‏فث‏)‏

الفاء والثاء كلماتٌ تدلُّ على كَسْر شيءٍ، أو نثرِه، أو قلعه‏.‏ من ذلك قولهم‏:‏ فَثَّ جُلَّته‏:‏ نَثَرها‏.‏ وانفَثَّ الرّجُلُ من همٍّ أصابه، أي انكسر‏.‏

ويقال إنّ الفَثَّ‏:‏ الفسيلُ يُقتلَعُ من أصله‏.‏

ومن الباب الفَثُّ، وهو هَبِيدُ الحَنظل، لأنّه يُنثَر‏.‏

‏(‏فج‏)‏

الفاء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على تفتُّح وانفراج‏.‏ من ذلك الفَجُّ‏:‏ الطَّريق الواسع‏.‏ ويقال‏:‏ قَوسٌ فَجّاءُ، إذا بَانَ وترُها عن كَبِدها‏.‏ والفَجَج أقْبَحُ من الفَحَج‏.‏ ومنه حافرٌ مُفِجٌّ، أي مقبَّب، وإذا كان كذا كان في باطنه شِبْه الفَجْوة‏.‏

ومما شذَّ عن هذا الأصل‏:‏ الفِجُّ‏:‏ الشيء لم ينضَجْ مما ينبغي نُضْجُه‏.‏

وشذّت كلمةٌ واحدة أخرى حكاها ابنُ الأعرابيّ، قال‏:‏ أَفَجَّ يُفِجُّ، إذا أسرع‏.‏ ومنه رجلٌ فجفاجٌ‏:‏ كثير الكلام‏.‏

‏(‏فح‏)‏

الفاء والحاء كلمةٌ واحدةٌ، وهو* الفَحيح‏:‏ صوتُ الأفعى‏.‏ قال‏:‏

كأَنَّ نَقيقَ الحَبِّ في حاويائِهِ *** فَحِيحُ الأفاعي أو نقيقُ العقاربِ

‏(‏فخ‏)‏

الفاء والخاء كلماتٌ لا تنقاس‏.‏ من ‏[‏ذلك‏]‏ الفَخِيخ كالغَطيط في النَّوم‏.‏ والفَخَّة‏:‏ استرخاءٌ في الرجلين‏.‏ ويقال الفَخَّة‏:‏ المرأة الضخمة‏.‏ والفَخُّ للصَّيد معروف‏.‏

‏(‏فد‏)‏

الفاء والدال أصلٌ صحيح، يدلُّ على صَوت وجَلَبة‏.‏ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ ‏"‏إِنَّ الجفاءَ والقَسْوةَ في الفَدَّادِين ‏"‏، وهي أصواتُهم في حروثِهم وموَاشيهم‏.‏ قال الشَّاعر‏:‏

نُبِّئْتُ أخوالِي بني يزيدُ *** ظلماً علينا لهُمُ فَدِيدُ

ومما شذَّ عن هذا‏:‏ الفَدْفَد‏:‏ الأرض المستويَة‏.‏

‏(‏فذ‏)‏

الفاء والذال كلمةٌ واحدة تدلُّ على انفرادٍ وتفرُّق‏.‏ من ذلك الفَذُّ، وهو الفَرْد‏.‏ ويقال‏:‏ شاةٌ مُفِذٌّ، إذا ولدت واحداً، فإن كان ذلك عادتَها فهي مِفْذَاذ‏.‏ ولا يقال‏:‏ ناقةٌ مُفِذّ، لأنَّ الناقة لا تلِدُ إلاَّ واحداً‏.‏ ويقال تَمْرٌ فَذٌّ‏:‏ متفرِّق‏.‏ والفَذُّ‏:‏ الأوَّل من سِهام القِداح‏.‏

‏(‏فر‏)‏

الفاء والراء أصول ثلاثة‏:‏ فالأوّل الانكشاف وما يقاربُهُ من الكَشْف عن الشَّيء، والثاني جنسٌ من الحيوان، والثالث دالٌّ على خِفّة وطَيْش‏.‏

فالأوّل قولهم‏:‏ فَرّ عن أسنانه‏.‏ وافتَرَّ الإنسان، إذا تبسَّمَ‏.‏ قال‏:‏

يفترُّ مِنْك عن الواضحا *** تِ إذْ غيرُك القَلِح الأثْعَلُ

ويقولون في الأمثال‏:‏

* هو الجوادُ عينُه فُِرارُه *

أي يَغنيك مَنظرُه من مَخْبَره‏.‏ وكأَنَّ معنَى هذا إنَّ نَظَرَك إليه يُغنيك عن أن تَفُرَّه، أي تكشفَه وتبحثَ عن أسْنانِه‏.‏ ويقولون‏:‏ أفرَّ المُهرُ، إذا دنا أن يُفَرَّ جَذَعاً‏.‏ وأفَرَّت الإبلُ للإثناء إفراراً، إذا ذهبَتْ رَواضِعُها وأَثْنَتْ‏.‏ ويقولون‏:‏ فُرَّ فلاناً عمَّا في نفسه، أي فتِّشْه‏.‏ وفُرَّ عن الأمر‏:‏ ابحثْ‏.‏

ومن هذا القياس وإن كانا متباعدَين في المعنى‏:‏ الفِرار، وهو الانكشاف، يقال فَرَّ يَفِرّ، والمَفَرّ المصدر‏.‏ والمَفَرّ‏:‏ الموضع يُفَرُّ إليه‏.‏ والفرّ‏:‏ القَوم الفارُّون‏.‏ يقال فَرٌّ جمع فارّ، كما يقال صَحْبٌ جمع صاحب، وشَرْبٌ جمع شارب‏.‏

والأصل الثاني‏:‏ الفَرير‏:‏ ولد البقرة‏.‏ ويقال الفُرَار من ولد المَعْز‏:‏ ما صَغُر جسمُه، واحدة فَرِيرٌ، كرَخْل ورُخال، وظئر وظُؤار‏.‏

والثالث‏:‏ الفَرْفَرة‏:‏ الطَّيْش والخِفَّة‏.‏ يقال‏:‏ رجلٌ فَرْفارٌ وامرأةٌ فرفارة‏.‏ والفَرفارة‏:‏ شجرة‏.‏

‏(‏فز‏)‏

الفاء والزاء أُصَيلٌ يدلُّ على خفّةٍ وما قاربَهَا‏.‏ تقول‏:‏ فَزَّهُ واستفزَّه، إذا استخفَّه‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْض‏}‏ ‏[‏الإسراء 76‏]‏، أي يحملونك على أن تَخِفَّ عنها‏.‏ وأفزَّه الخوفُ وأفْزَعَه بمعنىً‏.‏ وقد استفَزَّ فُلاناً جهْلُه‏.‏ ورجل فَزٌّ‏:‏ خفيف‏.‏ ويقولون‏:‏ فزَّ عن الشيء‏:‏ عدل‏.‏ والفَزُّ‏:‏ ولَد البقرة‏.‏ ويُمكن أن يسمَّى بذلك لخفَّة جسمِه‏.‏ قال‏:‏

كما استغَاثَ بسيءٍ فَزُّ غَيْطَلَةٍ *** خافَ العُيونَ ولم يُنظُرَ به الحَشَكُ

‏(‏فس‏)‏

الفاء والسين ليس فيه شيءٌ إلا كلمةٌ معرّبة‏.‏ يقولون الفِسْفِسَةُ‏:‏ الرَّطْبَةُ‏.‏

‏(‏فش‏)‏

الفاء والشين يدلُّ على انتشارٍ وقلّة تماسُك‏.‏ يقال‏:‏ ناقةٌ فَشُوشٌ، إذا كانت مُنتشرَةَ الشَّخْب‏.‏ وانْفَشَّ عن الأمر‏:‏ كسِلَ‏.‏ والفَشُّ‏:‏ تتبُّع السَّرَقِ الدُّون؛ وهو فَشَّاش‏.‏

‏(‏فص‏)‏

الفاء والصاد كلمةٌ تدلُّ على فَصْل بين شيئين‏.‏ من ذلك الفُصُوصُ، هي مفاصِلُ العظامِ كلِّها –قال أبو عبيد‏:‏ إِلاّ الأصابع- واحدها فَصّ‏.‏ ومن هذا الباب‏:‏ أفْصَصت إليه من حقِّه شيئاً، كأنَّكَ فصَلْتَه عنك إليك‏.‏ وفَصَّ الجُرْحُ‏:‏ سال‏.‏

ومما يقارِبُ هذا‏:‏ الفَصُّ‏:‏ فَصُّ الخاتَم‏.‏ وسمِّي بذلك لأنَّه ليس من نَفس الخاتَم، بل هو مُلْصَقٌ به‏.‏ فأمَّا فَصُّ العَينِ فحدَقتُها على معنى التَّشْبيه‏.‏

‏(‏فض‏)‏

الفاء والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على تفريقٍ وتجزئة‏.‏ من ذلك‏:‏ فضَضْتُ الشَّيءَ، إذا فرَّقتَه؛ وانْفَضَّ هو‏.‏ وانْفَضَّ القومُ‏:‏ تفرَّقوا‏.‏ قال الله سبحانه‏:‏‏{‏وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ القَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ‏}‏ ‏[‏آل عمران 159‏]‏‏.‏

ومن هذا الباب‏:‏ فَضَضْت عن الكِتاب خَتْمَه‏.‏ وممكن أن *يكون الفِضَّةُ من هذا الباب، كأنها تفضّ، لما يتَّخَذُ منها من حَلْي‏.‏ والفُِضاض‏:‏ ما تفضَّضَ من الشيء إذا انفَضَّ‏.‏ والفاضَّة‏:‏ الدّاهية، والجمع فَوَاضُّ، كأنَّهَا تَفُضُّ، أي تُفَرَّق‏.‏ومن الذي يجوز أن يُقاسَ على هذا‏:‏ الفَضْفَضَة‏:‏ سَعَةُ الثَّوب‏.‏ وثوبٌ فَضفاضٌ ودرعٌ فضفاضةٌ، لأنَّها إذا اتسَعتْ تباعَدَتْ أطرافُها‏.‏ وأمَّا الفضِيض فالماءُ العَذْب، سمِّي لفَضاضتِه وسُهولةِ مَرِّه في الحَلْقِ‏.‏

‏(‏فظ‏)‏

الفاء والظاء كلمةٌ تدلُّ على كراهةٍ وتكرُّه‏.‏ من ذلك الفَظ‏:‏ ماءُ الكَرِش‏.‏ وافتُظَّ الكرِش، إذا اعتُصِر‏.‏ قال الشاعر‏:‏

فكانوا كأنفِ اللَّيث لا شَمَّ مَرْغَماً *** وما نال فَظَّ الصَّيد حَتَّى يُعفِّرا

قال بعضُ أهل اللُّغة‏:‏ إِنَّ الفَظاظةَ من هذا‏.‏ يقال رجلٌ فظٌّ‏:‏ كريه الخُلُق‏.‏ وهو من فَظِّ الكَرِش، لأنه لا يُتناول إِلاَّ ضرورةً على كراهة‏.‏ ويقولون‏:‏ الفَظِيظ‏:‏ ماءُ الفَحْل‏.‏

‏(‏فغ‏)‏

الفاء والغين ليس فيه كلامٌ أَصيل، وهو شِبْهُ حكايةٍ لصوت‏.‏ يقولون‏:‏ الفَغْفَغَة‏:‏ الصَّوت بالغَنَم‏.‏ ويقولون‏:‏ الفغْفغاني‏:‏ القصَّاب أو الرَّاعي؛ وكذلك الفَغْفغيّ‏.‏ ويقول‏:‏ الفَغْفَغان‏:‏ الرّجلُ الخفيفُ‏.‏ وتفغفغَ في أمره‏:‏ أسرَعَ‏.‏ وكلُّ هذا قريبٌ بعضه من بعض‏.‏ والله أعلم بالصَّواب‏.‏

‏(‏باب الفاء والقاف وما يثلثهما‏)‏

‏(‏فقم‏)‏

الفاء والقاف والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على اعوجاج وقلة استقامة‏.‏ من ذلك الأمْرُ الأفْقَمُ، هو الأعوج‏.‏ والفَقَم‏:‏ أن تتقدَّمَ الثَّنايا السُّفلى فلا تقَعَ عليها العُليا‏.‏ وهذا هو أصل الباب‏:‏ وزعم أبو بكر‏:‏ أنَّ الفَقَم الامتلاء‏.‏ يقال‏:‏ أصاب من الماء حَتَّى فَقِمَ، هو أصل الباب‏.‏ فإن كان هذا صحيحاً فهو أيضاً من قياسه‏.‏

‏(‏فقه‏)‏

الفاء والقاف والهاء أصلٌ واحد صحيح، يدلُّ على إدراكِ الشَّيء والعِلْمِ به‏.‏ تقول‏:‏ فَقِهْتُ الحديث أفْقَهُه‏.‏ وكلُّ عِلْمٍ بشيءٍ فهو فِقْه‏.‏ يقولون‏:‏ لا يَفْقَه ولا يَنْقَه‏.‏ ثم اختُصَّ بذلك علمُ الشّريعة، فقيل لكلِّ عالم بالحلال والحرام‏:‏ فقيه‏.‏ وأَفْقَهْتُك الشَّيءَ، إذا بَيّنْتُه لك‏.‏

‏(‏فقأ‏)‏

الفاء والقاف والهمزة يدلُّ على فَتْح الشيء، وتفتُّحه‏.‏ يقال‏:‏ تفقَّأت السَّحابةُ عن مائها، إذا أرسلَتْه، كأنَّها تفتحت عنه‏.‏

ومن ذلك‏:‏ الفَقْء، وهي السَّابِياءُ الذي ينفرج عن رأس المولود‏.‏ ومنه فَقَأْتُ عينَه أفقؤها‏.‏ فأما الفُقَى مليَّنٌ فجمع فُوقٍ، وهو مقلوبٌ وليس من هذا الباب‏.‏ قال‏:‏

ونَبْلِي وفُقاهَا كـ *** ـعَراقيبِ قَطاً طُحْلِ

‏(‏فقح‏)‏

الفاء والقاف والحاء يدلُّ على مِثْلِ ما ذكرناه قبلَه من التفتُّح‏.‏ من ذلك الفُقَّاحُ‏:‏ نور الإذْخِر، سمِّي بذلك لتفتُّحه، ويقال بل نور الشّجرِ كلُّه فُقَّاح‏.‏ ويقال‏:‏ فَقَّح الجَروُ‏:‏ فتّح عينَيه‏.‏ قال الشَّاعر‏:‏

وأكحُلْكَ بالصَّابِ أَو بالجَلاَ *** فَفَقِّحْ لذلك أو غمِّضِ

‏(‏فقد‏)‏

الفاء والقاف والدال أصيل يدلُّ على ذَهاب شيء وضَياعِه‏.‏ من ذلك قولهم‏.‏ فَقَدت الشَّيء فَقْداً‏.‏ والفاقد‏:‏ المرأة تَفْقِد ولدَها أو بعلها، والجمع فَواقِد‏.‏ فأمَّا قولُك‏:‏ تفقَّدْتُ الشَّيءَ، إذا تطلّبتَه، فهو من هذا أيضاً، لأنَّك تطلبه عند فقدك إيَّاه‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لا أَرَى الهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الغَائِبِينَ‏}‏ ‏[‏النمل 20‏]‏‏.‏

‏(‏فقر‏)‏

الفاء والقاف والراء أَصلٌ صحيح يدلُّ على انفراجٍ في شيء، من عضوٍ أو غير ذلك‏.‏ من ذلك‏:‏ الفَقَار للظَّهر، الواحدة فَقَارةٌ، سمِّيت للحُزُوز والفُصول التي بينها‏.‏ والفقير‏:‏ المكسور فَقَارِ الظَّهر‏.‏ وقال أهل اللُّغة‏:‏ منه اشتُقَّ اسمُ الفقير، وكأنه مكسورُ فَقَار الظَّهر، من ذِلَّتِهِ ومَسْكَنتِه‏.‏ ومن ذلك‏:‏

فقْرَتْهم الفاقرة، وهي الدَّاهية، كأنها كاسرةٌ لفَقار الظهر‏.‏ وبعضُ أهلِ العلم يقولون‏:‏ الفَقير‏:‏ الذي له بُلْغَةٌ من عَيْشٍ* ويحتجُّ بقوله‏:‏

أمَّا الفَقير الذي كانت حَلُوبَتُه *** وَفْقَ العِيال فلم يُترَك له سَبَدُ

قال‏:‏ فجعل لـه حَلوبةً، وجعَلَها وَفْقاً لعياله، أي قوتاً لا فَضْلَ فيه‏.‏ وأمَّا الفقير فإنَّه مَخرَج الماءِ من القناة، وقياسُه صحيح، لأنّه هُزِم في الأرض وكُسِر‏.‏ وأمَّا قولهم‏:‏ أفْقَرَكَ الصَّيدُ، فمعناه أنَّه أمكَنَك من فَقَارِه حتَّى ترمِيَه‏.‏ ويقال‏:‏ فَقَرْتُ البعيرَ، إذا حَزَزتَ خَطمَه ثم جعلتَ على موضع الحزِّ الجَرِيرَ لتُذِلَّه وتَرُوضَه‏.‏ وأفْقَرتُكَ ناقتي‏:‏ أعَرْتُك فَقَارَها لتركبَها‏.‏ وقول القائل‏:‏

* مَا ليلةُ الفَقير إِلاَّ شَيطانْ *

فالفقير ها هنا‏:‏ رَكيٌّ معروف‏.‏ ويقال‏:‏ فَقَرت للفَسِيل، إذا حفَرْتَ له حينَ تغرسه، وفَقَرت الخَرَزَ، إذا ثقبتَه‏.‏ وسَدَّ اللهُ مَفاقِره، أي أغناه وسَدَّ وجوهَ فقره‏.‏ قال‏:‏

وإِنَّ الذي ساقَ الغنَى لابنِ عامرٍ *** لَرَبِّي الذي أرجو لسدِّ مَفاقرِي

‏(‏فقس‏)‏

الفاء والقاف والسين‏.‏ يقولون‏:‏ فَقسَ‏:‏ مات‏.‏

‏(‏فقص‏)‏

الفاء والقاف والصاد ليس بشيء، إلا أنَّهم يقولون‏:‏ فُقِصَت البيضةُ عن الفَرْخ‏.‏

‏(‏فقع‏)‏

الفاء والقاف والعين‏.‏ اعلمْ أنَّ هذا البابَ وكلِمَهُ غيرُ موضوعٍ على قياس، وهي كلماتٌ متبايِنة‏.‏

من ذلك الفَقْع‏:‏ ضَربٌ من الكَمأَة، وبه يشبَّه الرّجلُ الذَّليل فيقال‏:‏ ‏"‏هُوَ أذَلُّ من فَقْعٍ بقاع ‏"‏‏.‏ والفَقْع‏:‏ الحُصَاص‏.‏ وهذا من قولهم‏:‏ فَقَّع بأصابعه‏:‏ صَوَّت‏.‏

وممّا لا يشبه الذي قبلَه صفةُ الأصفر، يقال أصفرُ فاقع‏.‏ ويقولون‏:‏ الإفقاع‏.‏ سُوء الحال، يقال منه‏:‏ أفْقَعَ‏.‏ وفَواقع الدَّهر‏:‏ بَوائِقُه فأمَّا الفُقَّاع فيقال إنّه عربيّ‏.‏ قال الخليل‏:‏ سمِّي فُقّاعاً لما يرتفع في رأسه من الزَّبد‏.‏ قال‏:‏ والفَقاقيع كالقوارير فوق الماء‏.‏

‏(‏باب الفاء والكاف وما يثلثهما‏)‏

‏(‏فكل‏)‏

الفاء والكاف واللام كلمةٌ واحدة، وهي الأفْكَل‏:‏ الرِّعدة‏.‏ ويقولون‏:‏ لا يُبنَى منه فعل‏.‏‏

‏(‏فكن‏)‏

الفاء والكاف والنون كلمةٌ واحدة، وهي التندّم، يقال تندّم وتفكَّنَ بمعنىً‏.‏‏

‏(‏فكه‏)‏

الفاء والكاف والهاء أصلٌ صحيح يدلُّ على طِيب واستطابةٍ‏.‏ من ذلك الرّجُل الفَكِه‏:‏ الطيِّب النَّفس‏.‏‏

ومن الباب‏:‏ الفاكهة، لأنَّها تُستَطابُ وتُستطرَف‏.‏‏

ومن الباب‏:‏ المُفاكهَة، وهي المُزاحة وما يُستحلَى من كلام‏.‏‏

ومن الباب‏:‏ أفكَهَتِ النّاقةُ والشّاةُ، إذا دَرَّتا عند أكل الرَّبيع وكان في اللبن أدْنَى خُثُورة؛ وهو أطيَبُ اللَّبن‏.‏‏

فأمَّا التَّفَكُّه في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ‏}‏ ‏[‏الواقعة 65‏]‏، فليس من هذا، وهو من باب الإبدال، والأصل تَفَكَّنون، وهو من التندُّم، وقد مضى ذِكرُه‏.‏‏

‏(‏فكر‏)‏

الفاء والكاف والراء تردُّدُ القَلْب في الشَّيء‏.‏ يقال تفكّرَ إذا ردَّدَ قلبه معتبِرا‏.‏ ورجلٌ فِكِّير‏:‏ كثير الفِكر‏.‏‏

‏(‏باب الفاء واللام وما يثلثهما‏)‏

‏(‏فلم‏)‏

الفاء واللام والميم كلمةٌ‏.‏ يقولون الفَيْلم‏:‏ العظيم من الرِّجال‏.‏ وفي ذكر الدَّجَّال‏:‏ ‏"‏رأيتُه فَيْلَمَانِيَّاً‏"‏‏.‏ وقال الشَّاعر‏:‏

ويَحمِي المُضافَ إذا ما دَعا *** إذا فرَّ ذُو اللِّمَّةِ الفَيْلَمُ

ويقولون‏:‏ الفَيْلَم‏:‏ المُشْط‏.‏ وليس بشيء‏.‏

‏(‏فلن‏)‏

الفاء واللام والنون كناية عن كلِّ أحد‏.‏ ورخَّمه أبو النجمِ فقال‏:‏

* في لَجَّةٍ أَمْسِكْ فُلانَاً عَنْ فُلِ *

هذا في الناس، فإنْ كان في غيرهم قيل‏:‏ ركبتُ الفلانةَ والفرس الفلان‏.‏

‏(‏فلو‏)‏

الفاء واللام والحرف المعتلّ كلمةٌ صحيحة فيها ثلاث كلمات‏:‏ التّربية، والتفتيش، والأرض الخالية‏.‏

فالتّربِيَة‏:‏ فَلَوتُ المُهْرَ، إذا ربَّيْته‏.‏ يقال‏:‏ فلاهُ يَفلوه‏.‏ ويسمَّى فَلُوَّاً‏:‏ قال الحُطيئة‏:‏

سعيدٌ وما يفعلْ سعيد فإنَّه *** نجيبٌ فَلاَه في الرِّباط نجيبُ

وقولهم‏:‏ فَلوتُه عن أمِّه، أي قطعته عن الفطام، فمعناه ما ذكرناه‏.‏ وفَلَوْتُ المُهر وافتليتُه‏.‏ قال‏:‏

وليس يَهْلك منا سيّدٌ أبداً *** إِلا افتلينا غُلاماً سيِّداً فينا

والكلمة الأخرى‏:‏ فَلَيْتَ الرَّأس أفْليه‏.‏ ثم يستعار فيقال‏:‏ فلَيْتَ رأسَه بالسَّيف أفليه‏.‏

والكلمة الثالثة‏:‏ الفلاة، وهي المَفَازة، والجمع فلواتٌ* وفَلاً‏.‏

‏(‏فلت‏)‏

الفاء واللام والتاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على تخلُّصٍ في سرعة‏.‏

يقال‏:‏ أفْلَتَ يُفْلِتُ‏.‏ وكان ذلك الأمر فَلْتَةً، إذا لم يكُنْ عن تدبُّر ولا رأيٍ ولا تردُّد‏.‏ ويقال‏:‏ تفلَّتَ إلى هذا الأمر، كأنَّه نازَعَ إليه‏.‏ وفرسٌ فلَتَانٌ‏:‏ نشيطٌ حديدُ الفؤاد‏.‏ وثَوبٌ فَلُوتٌ‏:‏ لا ينضمُّ طرفاهُ على لابسِهِ من صِغَره، كأنّ معناه أنَّه يُفْلِت من اليد‏.‏

ومن الباب‏:‏ افتُلِتَ الإنسان، إذا ماتَ فجأة‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُها‏"‏‏.‏ والفَلْتة‏:‏ آخِرُ يوم من جمادَى الآخرة‏.‏

‏(‏فلج‏)‏

الفاء واللام والجيم أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على فوزٍ وغَلَبة، والآخر على فُرْجَةٍ بين الشَّيئين المتساويين‏.‏

فالأول‏:‏ قولُهم‏:‏ فُلِجَ الرَّجُل على خَصْمِه، إذا فازَ‏:‏ والسَّهم الفالِج‏:‏ الفائز‏.‏ والرَّجل ‏[‏الفالج‏]‏‏:‏ الفائز‏.‏ والاسم الفُلْج‏.‏ ومن أمثال العرب‏:‏ ‏"‏أنا من هذا الأمر فالجُ بن خَلاَوةَ‏"‏ قالوا‏:‏ معناه أنا منه بريءٌ‏.‏ وتفسير هذا أنَّه إذا خلا منه فقد فازَ، أي نجا منه‏.‏ وخَلاَوة، مِن خلا يخلو‏.‏ وقال عليٌّ عليه السلام‏:‏ ‏"‏إنَّ المرءَ المسلم لم يَغْشَ دناءَةً يَخْشَعُ إذا ذُكِرَتْ له، وتُغْرِي به لئامَ النَّاس، كالياسر الفالج، ينتِظر فَوزةً من قِداحِه‏"‏‏.‏

والأصل الآخر‏:‏ الفَلَج في الأسنان‏:‏ تَباعُدُ ما بين الثَّنايا والرَّبَاعِيَات‏.‏ وقال أبو بكر‏:‏ ‏"‏رجلٌ أفلج الأسنانِ، وامرأةٌ فلجَاء الأسنان، لابدَّ من ذِكْر الأسنان ‏"‏‏.‏ فأمَّا الفَلَج في اليَدينِ فقال أبو عُبيد‏:‏ الأفلج‏:‏ الذي اعوجاجُه في يديه، فإنْ كان في رجليه فهو فَحَجٌ‏.‏ وهذا هو القياسُ الأوَّل؛ لأنَّ اليدَ إذا اعوجَّت فلا بدَّ أن تتجافَى وتتباعد‏.‏

ومن الباب‏:‏ الفالِج‏:‏ الجَمَل ذو السَّنامَين، وسمِّي للفُرجة بينهما‏.‏ وفرسٌ أفلَجُ‏:‏ متباعِدُ ما بين الحَرْقَفَتين‏.‏ وكلُّ شيءٍ شققتَه فقد فَلَجْتَه فَِلْجين، أي نِصفَين‏.‏

قال ابن دُريد‏:‏ ‏"‏وإنِّما قيل فُلِجَ الرّجُل لأنَّه ذهب نِصفُه ‏"‏‏.‏ ويقال لِشُقَّة الثَّوب‏:‏ فَلِيجة‏:‏ والفَلَج‏:‏ النَّهر، وسمِّي بذلك لأنّه فُلجَ، أي كأنَّ الماءَ شقَّه شقّاً فصار فُرْجَة‏.‏ فأمَّا الفَلُّوجة فالأرض المُصْلَحة للزَّرع، والجمع فَلاَليج‏.‏ وأمَّا الحديث‏:‏ ‏"‏أنَّهما فَلَجا الجِزْية‏"‏، فإنّه يريد قَسَماها، وسمِّي ذلك فَلْْجاً لأنّه تفريق‏.‏

‏(‏فلح‏)‏

الفاء واللام والحاء أصلان صحيحان، أحدهما يدلُّ على شَقٍّ، والآخر على فَوْزٍ وبَقاء‏.‏

فالأوَّل‏:‏ فَلَحتُ الأرضَ‏:‏ شَقَقتُها‏.‏ والعرب تقول‏:‏ ‏"‏الحديد بالحديد يُفْلَح‏"‏‏.‏ ولذلك سمِّي الأكّار فَلاَّحا‏.‏ ويقال للمشقوق الشَّفةِ السُّفلى‏:‏ أفْلَحُ، وهو بيِّن الفَلَحَة‏.‏ وكان عنترة العبسيُّ يلقَّب ‏"‏الفَلْحاء‏"‏ لفَلَحةٍ كَانت به‏.‏ قال‏:‏

وعَنْترةُ الفَلحاءُ جاءَ مُلأَّماً *** كأنَّك فِندٌ من عَمَايةَ أسودُ

والأصل الثّاني الفَلاَح‏:‏ البقاء والفَوْز‏.‏ وقولُ الرّجُل لامرأته‏:‏ ‏"‏استَفلِحي بأمرِك‏"‏، معناه فَوزِي بأمرك‏.‏ والفَلاَح‏:‏ السَّحُور‏.‏ قالوا‏:‏ سمِّي فَلاَحاً لأنَّ الإنسانَ تبقى معه قُوّتُه على الصَّوم‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏صلَّينا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله حتَّى خفْنا أنْ يَفوتَنا الفَلاَح‏"‏‏.‏ قال الشَّاعر‏:‏

لكلِّ همٍّ من الهُمومِ سَعَهْ *** والمُسْيُ والصّبْحُ لا فَلاَح مَعَهْ

‏(‏فلذ‏)‏

الفاء واللام والذال أُصَيلٌ يدلُّ على قَطْع شيءٍ من شيء‏.‏ من ذلك الفِلْذة‏:‏ القِطْعة من الكَبِد، والجمع فِلْذ‏.‏ قال‏:‏

تكفيه حُزَّةُ فِلْذٍ إنْ ألَمّ بها *** من الشِّواء ويُروي شُربَه الغُمَرُ

فالقِطْعة من المال فِلْذةٌ أيضاً‏.‏ يقال فَلَذْتُ له من مالي، أي قطعت له فِلْذَةً منه‏.‏

‏(‏فلز‏)‏

الفاء واللام والزاء ليس فيه شيء إلاّ أنّهم يقولون‏:‏ الفِلِزُّ‏:‏ خَبَث الحديد يَنْفيه الكِير‏.‏

‏(‏فلس‏)‏

الفاء واللام والسين كلمة واحدة، وهي الفَلْس، معروف، والجمع فُلوس‏.‏ ويقولون‏:‏ أفْلَسَ الرّجل، قالوا‏:‏ معناه صار ذا فُلوسٍ بعد أن كان ذا دراهم‏.‏

‏(‏فلص‏)‏

الفاء واللام والصاد ليس فيه شيءٌ، لكنَّهم يقولون‏:‏ الانفلاص‏:‏ التفلُّت‏.‏ وفلَّصت الشَّيء من الشيء خَلّصته‏.‏ وهذا إن* صحَّ فإنَّما هو من الإبدال، والأصل الميم، يقال مَلَّصَ‏.‏ وممكنٌ أن يكون الأصل الخاء‏:‏ خَلَّص‏.‏

‏(‏فلط‏)‏

الفاء واللام والطاء ليس بأصل، لأنَّه من باب الإبدال، والأصل الراء‏.‏ ويقولون‏:‏ أفْلَطَه الأمرُ‏:‏ فاجَأَه‏.‏ وتكلَّمَ فلانٌ فِلاطاً، إذا فاجَأَ بقولِهِ‏.‏ والأصل الراء فرط، وقد ذُكر في بابه‏.‏

‏(‏فلع‏)‏

الفاء واللام والعين كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على شَقِّ الشَّيء‏.‏ تقول‏:‏ فَلَعت الشَّيءَ‏:‏ شقَقْتُه‏.‏ وتَفلَّعت البَيضةُ وانْفَلَعَتْ‏.‏

‏(‏فلق‏)‏

الفاء واللام والقاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على فُرْجةٍ وبَيْنُونةٍ في الشيء، وعلى تعظيمِ شيء‏.‏ من ذلك‏:‏ فَلَقْتُ الشّيءَ أَفْلِقُه فَلْقاً‏.‏ والفَلَق‏:‏ الصُّبح؛ لأنَّ الظَّلام يَنْفلِقُ عنه‏.‏ والفَلَق‏:‏ مطمئنٌّ من الأرض كأنَّه انفلَقَ، وجمعه فِلْقانٌ‏.‏ والفَلق‏:‏ الخَلْق كله، كأنَّه شيءٌ فُلِق عنه شيء حَتَّى أُبرِزَ وأظْهِر‏.‏ ويقال‏:‏ انفَلَقَ الحَجَر وغيرُه وكلَّمنَي فلانٌ من فَِلْق فيه‏.‏ وهو ذاك القياس‏.‏ والفَالِق‏:‏ فضاءٌ بين شَقيقَتيْ رملٍ‏.‏ وقَوسٌ فِلْقٌ، إذا كانت مشقوقةً ولم تكُ قَضيباً‏.‏ والفَلِيق كالهَزْمة في جِران البَعير‏.‏ قال‏:‏

* فَلِيقُها أجردُ كالرُّمحِ الضَّلِعْ *

والأصل الآخَر الفليقة، وهي الدَّاهية العظيمة‏.‏ والعرب تقول‏:‏ يا لَلْفليقة‏.‏ والأمر العَجَبُ العظيم‏.‏ وأفْلَقَ فلانٌ‏:‏ أتى بالفِلْق‏.‏ وكذلك يقال شاعرٌ مُفلِق‏.‏ وقال سُويد‏:‏

إذا عَرَضَت داوِيَّةٌ مُدْلهِمَّة *** وغَرَّدَ حاديها عَمِلْنَ بِها فِلْقا

والفيلق‏:‏ العجبُ أيضاً‏.‏

‏(‏فلك‏)‏

الفاء واللام والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على استدارةٍ في شيء‏.‏ من ذلك فَلْْكة المِغزل بفتح الفاء، سمِّيت لاستدارتها؛ ولذلك قيل‏:‏ فَلَّك ثَدْيُ المرأة، إذا استدار‏.‏

ومن هذا القياس فَلَك السماء‏.‏ وفلكْتُ الجَدْيَ بقضيبٍ أو هُلْبٍ‏:‏ أدرتُه على لسانه لئلاّ يرتضع‏.‏ والفَلَك‏:‏ قِطَعٌ من الأرض مستديرةٌ مرتفِعة عمَّا حولها‏.‏ ويقال إنَّ فَلْكة اللِّسان‏:‏ ما صَلُب من أصله‏.‏ وأمَّا السفينة فتسمَّى فُلْكا‏.‏ ويقال إنَّ الواحد والجمعَ في هذا الاسم سواء، ولعلَّها تسمَّى فُلْكاً لأنَّها تدار في الماء‏.‏